قبل عام من الآن، استطاعت قوات سوريا الديمقراطية بقيادة وحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ)، إلحاق الهزيمة العسكرية بتنظيم داعش الإرهابي في بلدة الباغوز آخر معاقله في الريف الشرقي لمنطقة دير الزور؛ بالرغم من التضحيات الكبيرة التي قدمتها قوات سوريا الديمقراطية في حملة عاصفة الجزيرة، إلا أن التكاتف المجتمعي ما بين المكونات المتنوعة في المنطقة من عرب وكرد وسريان ، كان كفيلاً بتحقيق النصر على مرتزقة داعش.
هذه المنطقة التي خضعت لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مدار خمس سنوات، مما تسببت بهجرة الآلاف من سكانها؛ تشهد اليوم عودة ملحوظة لسكانها المهجرين، إلى ديارهم وقراهم وبيوتهم مرة أخرى.
حملة عاصفة الجزيرة التي أطلقتها قوات سوريا الديمقراطية، كانت بقيادة وحدات حماية المرأة (YPJ) واشتركت فيها أعداد كبيرة من النساء الكرديات والعربيات وأظهرن بطولات وتضحيات عظام مما أثرت بشكل كبير على نفوس فتيات ونساء المنطقة؛ وأيقنَّ أن لديهن ما يكفي من القوة للدفاع عن أنفسهن وديارهن وأرضهن ووطنهن، وانطلاقاً من هذه القناعة تولدت لدى فتيات دير الزور الرغبة في الانضمام إلى وحدات حماية المرأة (YPJ).
بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لهزيمة داعش الإرهابي بتاريخ 23 آذار وكذلك الذكرى السنوية السابعة لتأسيس وحدات حماية المرأة في 4 نيسان 2013؛ انضمت 5 فتيات عربيات من مناطق متفرقة في ريف دير الزور إلى وحدات حماية المرأة (YPJ).
سناء وجميلة أختان شقيقتان من ريف دير الزور، فقدتا شقيقهما على أيدي مرتزقة داعش الإرهابي، كما كان لهما شقيق آخر استشهد ضمن قوات سوريا الديمقراطية؛ الشقيقتان سناء وجميلة توضحان سبب انضمامهما بالقول " تعرضنا للظلم والاضطهاد على مر سنوات من قبل مرتزقة داعش الإرهابي؛ لم نكن نشعر أبداً بطعم الحياة ولم نكن قادرن حتى على التنفس في ظل القمع والتضييق علينا؛ كانوا يفرضون علينا الحجاب وقد اختطفوا أخي في تلك الفترة وقاموا بقتله؛ بعد ذلك تعهد أخي الآخر بالثأر له والانضمام إلى قوات سوريا الديمقراطية؛ ومع انضمام أخي إلى صفوف القوات، تعرفنا على نمط حياة المقاتلين وأخلاقهم وأهدافهم بشكل أكبر؛ وفي إحدى المعارك الشرسة التي وقعت في منطقة الشدادي، حيث كان أخي دوماً في الصفوف الأمامية من المعركة، لرغبة في الانتقام والثأر من المجرمين المرتزقة، وقد قاتل إلى آخر رمق حتى نال الشهادة؛ أثر استشهاد أخي علينا بشكل كبير ومختلف وأدركنا حينها أننا أمام مفترق طرق؛ أحدهما طريق الخلاص من الظلم والاضطهاد والرجعية، وقد رجحنا نحن الشقيقتان هذا الطريق، بالانضمام إلى صفوف وحدات حماية المرأة (YPJ)، وكذلك للثأر لدماء إخوتنا وإدراك حقيقة المرأة وطاقتها الكامنة في القدرة عن على حماية نفسها والدفاع عن حقوق جميع النساء."
كما كانت الحال في قصة سناء وجميلة، كذلك الشقيقتان أمل وزينب لهما قصة دفعتهما للانضمام إلى وحدات حماية المرأة (YPJ)، حيث أنهما يضطران إلى الهجرة من ديارهما برفقة العائلة هرباً من ظلم وطغيان مرتزقة داعش الإرهابي، والبقاء لسنوات بعيداً عن الديار على أمل أن تتحرر منطقتهم من احتلال إرهاب داعش
تروي الشقيقتان أمل وزينب قصتهما كذلك " عانينا من ظلم كبير وتعرضنا لمحاولات التحرش والخطف وعمليات القتل والذبح؛ لذلك اضطررنا إلى الهروب والهجرة من بيتنا واللجوء إلى دار استقرار وأمان، حيث قضينا سنوات عدة بعيدين ارضنا وديارنا؛ وعلى أحر من الجمر كنا ننتظر الأخبار السارة التي تخبر بتحرير منطقتنا؛ حيث أننا بمجرد سماعنا هزيمة مرتزقة داعش وتحرير ريف دير الزور، سارعنا بالعودة إلى قريتنا، وها نحن اليوم انضممنا إلى وحدات حماية المرأة (YPJ) ونحن نشعر بالفخر والاعتزاز بهذا الانضمام إلى صفوف دعاة الحرية، لأننا نتعرف على أنفسنا وقدراتنا ونتعلم كيف نبني شخصياتنا من جديد ونحمي وطننا وشعبنا من هجمات الأعداء والظالمين"
وكذلك المقاتلة آمارة التي تنحدر أيضاً من نفس المنطقة في ريف دير الزور الشرقي، وهي كذلك تحدثت ببعض الكلمات والجمل حول معاناتها وسبب انضمامها لوحدات حماية المرأة، وقالت " في سنٍ مبكرة جداً شهدنا جرائم بحق الانسانية وقسوة كبيرة وظلم لا يوصف؛ راينا بأم أعيننا كيف كان إرهابيو داعش يقطعون ايادي ورقاب الناس، وحق الكلام كان ممنوعاً علينا نحن الفتيات النساء، ولكننا نرى اليوم كيف تم دحرهم ونرى أننا نحن مَنْ انتصرنا وليسوا هم، وقد أدركت ذلك بشكل أوضح حين انضمامي إلى صفوف وحدات حماية المرأة (YPJ)، وأيقنت أنني وجدت المكان الذي بإمكاني أن ابني شخصيتي وأجد نفسي فيه، وأنا فخورة جداً ومسرورة بانضمامي إلى مسيرة الحرية والدفاع عن حقوق المرأة في وجه كل معتدي."
وقد أشارت جميع المقاتلات إلى ضرورة الثقة بالنفس وبالقدرات الكامن داخل كل منهن، والتركيز على أهمية الدفاع الذاتي المشروع في وجه جميع الهجمات.